
في ظل الأزمات المتشابكة التي يعيشها لبنان، يجد الجيش اللبناني نفسه مجدداً في قلب مهمة شديدة التعقيد: إعداد خطة خلال شهر واحد لنزع السلاح، وفي مقدّمته سلاح حزب الله، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء. ورغم الثقة الشعبية الكبيرة بالمؤسسة العسكرية، إلا أنّ هذه المهمة تكشف عن فجوة بين الواقع والمأمول، إذ تتجاوز التحديات قدرات الجيش التقليدية وتفتقر إلى خارطة طريق واضحة وضمانات سياسية تحميه من التداعيات.
المعطيات الحالية تُظهر أنّ السلاح المطلوب نزعه ليس مجرد أسلحة ميليشيات، بل ترسانة متطورة بُنيت عبر عقود ومرتبطة بشبكة إقليمية واسعة. كما أنّ المهلة الزمنية القصيرة تضع الخطة في إطار شبه مستحيل التنفيذ، في ظل الانقسام السياسي وغياب توافق وطني شامل.
التناقض في الموقف الرسمي، بين رفض المواجهة المباشرة مع حزب الله وتكليف الجيش بمهمة قد تفضي إليها، يعكس عمق أزمة القرار السياسي في البلاد. ومع احتمالات استغلال الوضع من قبل إسرائيل أو فصائل مسلحة سورية، تزداد المخاطر الأمنية على الحدود وفي الداخل.
الطريق الآمن يتطلّب تمديد المهلة الزمنية، وفتح حوار وطني شامل، وتعزيز قدرات الجيش مالياً وعسكرياً، وتأمين غطاء سياسي ودبلوماسي يحميه من التدخلات الخارجية. وإلا فإنّ لبنان قد يواجه مرحلة أكثر خطورة، تُهدد استقراره وتخدم أجندات خارجية لا تراعي مصلحة شعبه.