
منذ بداية أزمة ٢٠١٩، يعيش المودعون في لبنان معاناة مستمرة مع المصارف التي أقفلت أبوابها، واحتجزت أموالهم، بينما تم تهريب جزء كبير منها إلى الخارج، وسط صمت الدولة والمسؤولين. وفي ظل عجزهم عن الوصول إلى ودائعهم، بقيت الدعاوى القضائية الوسيلة الوحيدة أمام المودعين لاستعادة ما يمكن استعادته من “جنى العمر”.
لكن، وعلى ما يبدو، حصلت المصارف أخيرًا على وسيلة دفاع قانونية تُحصّنها جزئياً أمام القضاء، من خلال التعميم الجديد الصادر تحت عنوان “تأمين المساواة في التسديد للودائع بالعملات الأجنبية”.
التعميم، وفق الخبيرة المصرفية د. سابين الكيك، يتضمن تبريرات تركّز على الطعون القضائية، حيث جاء فيه أن بعض المودعين طالبوا بتحويل ودائعهم إلى الخارج أو الحصول عليها نقدًا، مما قد يشكل “تمييزًا غير عادل بين المودعين” خلال الأزمات المصرفية.
الأخطر في التعميم، بحسب الكيك، هو طلبه من المصارف الامتناع عن تسديد أي مبالغ بالدولار (أو غيرها من العملات الأجنبية) من الحسابات المفتوحة بعد ١٧/٠١/٢٠١٩، دون موافقة مسبقة وخطية من مصرف لبنان. ما يطرح تساؤلات حول قانونية هذا الإجراء، خاصة في ظل قانون السرية المصرفية، ومن أعطى الحق بهذه الاستنسابية؟
هل سيأخذ القضاء اللبناني أو الأجنبي بهذا التعميم؟ وهل فعلاً أصبح بيد المصارف ورقة تُضعف موقف المودعين في المحاكم؟
الكرة الآن في ملعب القضاء، والسؤال الكبير: ماذا سيفعل نادي القضاة؟ وهل يمكن أن يقف بوجه محاولة تحصين المصارف على حساب أصحاب الحقوق؟