بين الضغوط الدولية والتوازنات الداخلية: هل يُفتح باب التطبيع أمام لبنان؟

في ظل تصعيد إسرائيلي متجدد على الجبهة اللبنانية، وبعد هدوء نسبي في المواجهة مع إيران، أثار تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر جدلاً واسعاً حين تحدث عن اهتمام تل أبيب بتوسيع دائرة التطبيع في المنطقة لتشمل سوريا ولبنان، مشدداً على أن الجولان سيبقى “جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل”.

بينما يبدو الحديث عن سوريا أكثر انسجاماً مع المؤشرات الإقليمية، أثار إدراج لبنان في هذا السياق علامات استفهام، نظراً للانقسامات الحادة داخلياً ودور المقاومة ضمن المعادلة السياسية.

تزامن التصريح مع تحرّك أميركي نشِط، بقيادة الموفد توم برّاك، الذي قدّم “ورقة” للمسؤولين اللبنانيين تتضمّن مطالب سياسية وأمنية أبرزها سحب سلاح “حزب الله” وفق جدول زمني ينتهي مع نهاية العام الجاري. هذه الورقة، وفق تسريبات، تتجاوز الدعوات إلى الحوار وتدخل في صلب المطالب، وتربط سحب السلاح بملفات أخرى مثل ترسيم الحدود ومصير مزارع شبعا، مع تصور لمنطقة آمنة تمتد من الناقورة إلى الجولان.

الرد الرسمي اللبناني لم يصدر بعد، لكن العمل جارٍ لصياغة موقف متوازن يأخذ في الاعتبار دقة التوازنات المحلية. بعض القوى، كـ”القوات اللبنانية”، تدعو لتطبيق فوري لنزع السلاح، فيما تدعو أطراف أخرى لمقاربة سياسية تحمي السيادة من دون خضوع.

أما “حزب الله”، فموقفه المبدئي رافض لأي تطبيع أو نقاش قائم على معادلة “السلاح مقابل الإغراءات”، مع انفتاح مشروط على طرح استراتيجية دفاعية ضمن المؤسسات الوطنية لا تحت الضغط الخارجي.

في المحصلة، لا يبدو خيار التطبيع مع إسرائيل مطروحاً بجدية حالياً على الطاولة اللبنانية، رغم تصاعد الضغوط، فيما يبقى السؤال: هل يستطيع لبنان الحفاظ على ثوابته، أم يُدفع تدريجياً نحو مسارات لم يكن يوماً جزءاً منها؟

زر الذهاب إلى الأعلى