
أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران اسم “حرب الـ١٢ يومًا”، والتي كادت أن تغيّر ملامح الشرق الأوسط بأكمله، بل وتتحوّل إلى حرب عالمية ثالثة بحسب توصيف عدد من المراقبين في الشرق والغرب.
مع نهاية هذه الحرب، يبقى السؤال مطروحًا: من المنتصر ومن المهزوم؟ الظاهر أن الطرفين ادّعيا الانتصار. إسرائيل أعلنت نجاحها في ضرب البرنامج النووي الإيراني، فيما رأت طهران أنّها تمكنت من توجيه ضربات موجعة إلى الداخل الإسرائيلي، وأوصلت “رسالتها” بنجاح.
إلا أن تصريحات ترامب كشفت صورة مغايرة، حين شكر الطرفين معًا، وأقرّ بإبلاغ إيران المسبق عن نيتها قصف قاعدة العديد في قطر، وهو ما اعتُبر بمثابة اعتراف ضمني بأن لا منتصر فعلي في هذه الحرب.
وبينما استطاعت واشنطن توجيه ضربات دقيقة دون خسائر في صفوف قواتها، وخرجت إسرائيل وإيران بإنجازات نسبية، يبدو أن الخاسر الوحيد في هذه الحرب هو القضية الفلسطينية، التي غابت تمامًا عن مشهد ما بعد الحرب، رغم كونها الدافع الأصلي لسلسلة الصراعات التي بدأت منذ عملية “طوفان الأقصى”.
تراجعت القضية الفلسطينية إلى هامش الأولويات الإقليمية والدولية، وسط مخاوف من محاولات لإعادة ترسيم الواقع الجغرافي للفلسطينيين، بما يكرّس دولة محدودة الصلاحيات ومجرّدة من مقومات السيادة، فيما يتم توزيع بقية الشعب الفلسطيني على عدة مناطق داخل المنطقة وخارجها.
وبينما تتجه الأنظار إلى مسارات تطبيع وتفاهمات جديدة في الإقليم، يتصاعد القلق من أن يُستخدم لبنان أو دول أخرى كبيئة بديلة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، في ظل غياب أي حل عادل وشامل يعيد الحق لأصحابه.
وفيما تأمل بعض القوى بظهور شرق أوسط جديد أكثر استقرارًا، يبقى السلام الحقيقي مهددًا في ظل استمرار السياسات الإسرائيلية التي تُوصف بـ”العدوانية”، والتي من شأنها أن تغذّي مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام، لدى الشعوب التي تشعر بأنها تُقصى وتُهمَّش.