
أفادت مصادر أمنية لصحيفة “الشرق الأوسط” بأنّ المحادثات التي جرت بين وزارتي الداخليّة في لبنان وسوريا أمس، تناولت مختلف الملفات الأمنيّة الحسّاسة بين البلدين، وشكّلت خطوة جديدة نحو تعزيز التعاون الحدودي ومكافحة التهريب بمختلف أنواعه.
وأوضحت المصادر أنّ الوفد السوري ركّز خلال الاجتماع على ملف تهريب المخدّرات من الأراضي اللبنانيّة إلى الداخل السوري، مشدّداً على ضرورة اتّخاذ إجراءات عمليّة للحدّ من هذه الظاهرة التي تمثّل خطراً أمنياً واجتماعياً على الجانبين. كما عبّر عن استعداد بلاده للتعاون الكامل في تبادل المعلومات وتفعيل التنسيق الميداني على الحدود، بما يساهم في تفكيك شبكات التهريب وإغلاق المعابر غير الشرعيّة.
في المقابل، طرح الجانب اللبناني هواجسه المرتبطة بعمليّات تهريب السلاح والأشخاص، ولا سيّما تلك التي تستخدمها مجموعات خارجة عن القانون للتسلّل أو لنقل مطلوبين بين البلدين. وأكّد الجانب اللبناني أنّ التعاون المباشر مع السلطات السوريّة يُعتبر المدخل الأساس لضبط الأمن الحدودي وحماية الاستقرار في المناطق المشتركة التي تشهد نشاطاً متزايداً لشبكات التهريب.
ووفقاً للمصادر نفسها، فإنّ الاجتماع شكّل أرضيّة أولى لتأسيس مرحلة جديدة من التنسيق الأمني بين بيروت ودمشق، وقد جرى البحث في إمكان إنشاء لجان مشتركة تتولّى وضع آليّات تنفيذية لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات بصورة منظّمة.
وفي موازاة ذلك، كشفت مصادر مطّلعة لصحيفة “الأخبار” أنّ المباحثات الأخيرة مهّدت لإعداد اتفاقيّات أمنيّة جديدة تشمل التعاون القضائي وتبادل البيانات بين البلدين. كما أعاد الجانب السوري طرح ملفّ الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، الذين يُقدّر عددهم بنحو ٢٦٥٠ شخصاً، مؤكّداً استعداده لنقلهم فوراً إلى الأراضي السوريّة لمعالجة أوضاعهم القانونيّة.
وأشارت المصادر إلى أنّ الوفد السوري لم يثر رسميّاً مسألة الموقوفين اللبنانيين في سوريا، إلّا أنّ أحد المسؤولين السوريين عبّر على هامش اللقاء عن اهتمام بلاده بمصير لبنانيين كانوا قد دعموا الموقف السوري واعتُقلوا في لبنان على خلفيّة مواقفهم، مؤكّداً استعداد دمشق لاستقبالهم إذا قرّرت بيروت الإفراج عنهم.
وأضافت المصادر أنّ النقاشات تتّجه نحو إبرام معاهدة جديدة تشمل الجانبين الأمني والقضائي، بما يتيح للحكومة اللبنانيّة معالجة ملفّ الموقوفين السوريين من دون الحاجة إلى توافق سياسي شامل، خصوصاً بعد فشل مشروع قانون العفو العام نتيجة اعتراض قوى نيابية بارزة.
وأوضحت أنّ رئيس الحكومة نواف سلام تلقّى من مراجع قضائيّة رسميّة تأكيداً بأنّه لا يمكن تجاوز القوانين لإطلاق سراح أشخاص أُدينوا بجرائم قتل ضدّ عسكريين ومدنيين لبنانيين، وأنّ أي عفو من هذا النوع سيؤدّي إلى مطالبات بإصدار عفو شامل عن آلاف الموقوفين اللبنانيين في قضايا بسيطة كتعاطي المخدّرات أو كتم المعلومات، وهو ما قد يرفع عدد المفرج عنهم إلى نحو ٥٠٠٠ سجين من مختلف المناطق اللبنانيّة، ما يتيح حينها تحقيق توافق وطني حول القانون.

