١٧ قرية وحدودية وصخرة واحدة: تحذيرات الحرب وانقسام الداخل

أغلقت الجمعية العامة أبوابها، لكن صدًى ثقيلًا بقي يتردّد في أروقة الأمم المتحدة. أسبوعٌ حافلٌ بالاصطفافات والمسرحيات السياسية؛ مصادفةٌ تقنيّة حوّلت دونالد ترامب إلى “نجم القاعة” بعد تعطّل شاشة التلقين، فاندفع يعلن نفسه “زعيمًا للعالم”، محذّرًا الأوروبيين من فتح أبواب الهجرة، ومهاجمًا الصين والهند لشراء النفط الروسي، متناسيًا تمويل الولايات المتحدة لحروبٍ تمتد من أوكرانيا إلى فلسطين.

تعطّل “السُّلم الكهربائي” بترامب، لكن لم تتعطّل مسيرته؛ عاد إلى البيت الأبيض ليحضّر جولة ضغطٍ جديدة على فنزويلا، فيما كانت غزّة تتصدّر كلمات القادة: العرب اجتمعوا أخيرًا على رفض تهجير الفلسطينيين، غير أنّ النبرة الأكثر حدّة جاءت من أميركا اللاتينية.

في واحدةٍ من أكثر اللحظات جرأة، ألغت واشنطن تأشيرة رئيس كولومبيا غوستافو بيترو بعد أن دعا الجنود الأميركيين إلى عصيان الأوامر وطالب بقوّةٍ دولية لتحرير فلسطين. وفي الاتجاه نفسه، طالب رئيس تشيلي غبريال بوريك بمحاكمة نتانياهو أمام المحكمة الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، قياسًا بمحاكمات البلقان ورواندا.

وفي مؤتمر “حلّ الدولتين”، تعاقب الاعتراف بالدولة الفلسطينية من كتلٍ غربية وآسيوية ولاتينية وأفريقية، فيما حجبت دولٌ هامشية صوتها خوفًا على “فتات” مساعداتٍ أميركية.

داخل القاعة، امتلأت المقاعد لخطاب الافتتاح وكلمتَي الأمين العام وترامب، لكن المشهد تبدّل حين وصل دور دول العالم النامي: لبنان، البوسنة، بوركينا فاسو، وسوريا التي خاب الرهان على وقع حضور رئيسها، إذ بدت كلمته هشّةً ولغته الدبلوماسية مضطربة.

لبنان حضر بوفدٍ أصغر هذه المرّة، لكن بفاعليةٍ أكبر نسبيًّا، رغم أنّ كلمة الرئيس جوزاف عون لم تلامس عمق الأزمة. استعان بتاريخ الدبلوماسية اللبنانية وبشارل مالك، فيما الواقع يشتعل على “صخرة الروشة” حيث انتحر الوفاق الوطني، واشتعلت المناكفات بين رئاسة الحكومة وحزب الله على وقع ذكرى استشهاد السيّد حسن نصرالله.

وبدل أن تكون المعركة مع العدو الذي يتأهّب – وفق مصادر عسكرية ووثائق متداولة – لاحتلال ١٧ قرية حدودية بعد الفراغ من معركة غزّة، انقلبت “الصخرة” إلى مسرحٍ لفرض السيادة بالشعارات، فيما ملفات الفساد، وانفجار بيروت، ونهب ودائع اللبنانيين، تتكدّس بلا عدالة.

زر الذهاب إلى الأعلى