
مع انتهاء الحرب الإسرائيلية – الإيرانية وعودة الاستقرار النسبي إلى المنطقة، بات الحديث عن قدوم المغتربين والسياح إلى لبنان أمرًا واقعيًا، شرط عدم حصول تطورات مفاجئة. إلا أنّ لبنان، كعادته، يبدو متروكًا لمصيره السياحي من دون أي خطة رسمية أو دعم حكومي فعلي لتحفيز هذا القطاع، بدءًا من أسعار تذاكر السفر المرتفعة جدًا، وصولاً إلى غياب الحزم السياحية المتكاملة.
وفي هذا الإطار، يشير نقيب أصحاب المؤسسات السياحية، جان بيروتي، إلى مبادرة شخصية تقدّم بها سابقًا لتشجيع عودة المغتربين، تقضي بإعادة جزء من ودائعهم المحتجزة عبر بطاقات مصرفية (Credit Cards) بقيمة ٣٠٠٠ دولار تُستخدم داخل لبنان فقط، من خلال حجوزات السفر والفنادق والمطاعم. وقدّر بيروتي تكلفة المشروع بـ١٠ ملايين دولار، مؤكّدًا أنه يحقق مردودًا ضريبيًا يقارب ١.٥ مليون دولار. إلا أنّ أحدًا من المسؤولين لم يوافق على الاقتراح.
ويلفت بيروتي إلى أن التحضيرات قبل اندلاع الحرب كانت تُبشّر بموسم سياحي نشط، حيث كان من المتوقع أن يكون لبنان “الوجهة الرائجة” أو ما يُعرف بـ”الترند”. لكن، ومع تعليق شركات الطيران رحلاتها إلى بيروت، عدل الكثير من المغتربين، لا سيما من السويد وأستراليا، عن زيارة لبنان.
ويؤكد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر أن الحرب أدّت إلى إلغاء حجوزات لمدة ١٥ يومًا على الأقل، مشيرًا إلى أن الوضع اليوم أفضل مما كان عليه أثناء التصعيد، مع تسجيل مؤشرات على “نهوض سريع”. ويُراهن الأشقر على الفترة الممتدة بين ١٥ تموز و١٥ آب، مؤكدًا أن المغتربين اللبنانيين سيصلون، ولكن الحضور الخليجي يبدو غير مؤكد في ظل توصيات حكومية بعدم السفر، خاصة من قطر والإمارات والكويت.
من جهته، يؤكد نائب رئيس نقابة المطاعم خالد نزهة أن الحرب انتهت، لكن تداعياتها ما زالت تؤثّر على حركة الوافدين، معربًا عن أمله بأن يشهد شهرا تموز وآب انتعاشًا ملحوظًا في القطاع السياحي والمطاعم.
ويلفت نزهة إلى أن العديد من اللبنانيين المقيمين في الخارج قرروا إلغاء إجازاتهم الخارجية والبقاء في لبنان هذا الصيف، ما يُعد مؤشرًا إيجابيًا، خصوصًا مع عودة حركة الطيران الخليجي تدريجيًا إلى بيروت.
في المحصلة، تبقى العقبة الأبرز أمام انتعاش الموسم السياحي هي ارتفاع أسعار تذاكر الطيران إلى لبنان، وهو ما يطرح سؤالاً جوهريًا: عن أي سياحة تتحدث الوزارة، إذا لم تُعالَج هذه المشكلة الأساسية؟ وهل يمكن الحديث عن موسم ناجح في ظل غياب السياسات التحفيزية الجادة؟