فوضى مصلحة تسجيل السيارات – الدكوانة: مواعيد مستحيلة ومنصة بلا جدوى

اعتاد المواطن اللبناني على الفوضى منذ أيام الحرب، حيث أصبح الشعب يتقدّم على الدولة في تحمل المسؤوليات، لا سيما في ظل دولة عاجزة عن القيام بأي دور فاعل من دون مواطن فاعل. مؤسسات الدولة الرسمية ما زالت تعيش في العصر الحجري، وموظفوها إما غير راغبين في العمل، أو يمارسون أعمالهم وبالرشوة بأسلوب متعالٍ ومهين، يدفع المواطنين نحو الذلّ لإنجاز معاملاتهم.

ومن أبرز هذه المؤسسات “مصلحة تسجيل السيارات والآليات-الدكوانة”، التي كانت بمثابة بارقة أمل حين أطلقت موقعاً إلكترونياً يفترض أن يُسهّل على المواطنين معرفة الأوراق المطلوبة وحجز المواعيد المسبقة. لكن سرعان ما تلاشى هذا الأمل، إذ تحوّل الموقع إلى عبء إضافي بدل أن يكون حلاً. فكل من جرّب حجز موعد عبر المنصة الإلكترونية لتجديد دفتر السوق، صُدم من استحالة ذلك، حيث لا مواعيد متوفرة منذ أشهر، ومن دون موعد لا يمكن إنجاز المعاملة، حتى لو استعان المواطن بوسيط أو “سِمسار”.

وما هو أسوأ من ذلك، أنه حتى عندما يتمكن اللبناني من حجز موعد –في حال ساعده أحد أو استُجيب لدعائه– يتوجّه إلى مركز التسجيل ليُفاجأ بفوضى عارمة وعدم احترام للمواعيد. ويُستقبل بوجوه عابسة وعاجزة عن تقديم أيّ مساعدة فعلية، في ظلّ افتقار المركز لأبسط التجهيزات. فمن يذهب لتجديد دفتر السوق يُعطى ورقة تثبّت التجديد، لكنه لا يتسلّم البطاقة لأن المؤسسة لا تملك بطاقات بلاستيكية للطباعة!.

أما إذا كانتبطاقة السوق القديمة غير بيومتريّة، فالمواطن مُجبر على أخذ بصماته وصورته، في حين أنّ البطاقات غير متوفّرة أصلاً. والنتيجة؟ من لم يتمكن من حجز موعد عبر المنصة، بات معرضاً يومياً للتوقيف أثناء القيادة من دون بطاقة، وحتى لو أبرز ما يثبت أنه أنجز أوراق المعاملة، يُقال له إن المسؤولية عليه وتُحجز مركبته، ناهيك أن الأوراق المطلوبة لانجاز بطاقة السوق لها تاريخ محدّد، واذا لم يحالفك الحظ بحجز الموعد لانجاز المعاملة عليك معاودة اصدار الاوراق من جديد، وهذا كلّه بسبب اهمال الموظّفين الّذين يتقاضون رواتبهم من ضرائب المواطنين وبسبب عدم تأهيلهم ليكونوا على جاهزية للخدمة.

لبنان يتدهور من سيّئ إلى أسوأ، ويبدو أن الخوف من الأزمات الكبرى بات يطغى على هموم الناس اليومية. ألم يحن الأوان لإيجاد حلول عملية لهذه المشاكل الحياتية التي يواجهها المواطن؟والدولة الللبنانية وحدها تتحمّل مسؤولية الإصلاح وهي من أفسدت اللبناني الّذي على ما يبدو أنّه يتحمّل دائمًا التبعات ولم يعد قادراً على تحمّل العواقب.

زر الذهاب إلى الأعلى