التحديات السياسية بعد تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة

منذ تكليف نواف سلام بتشكيل الحكومة، اعتقدت بعض القوى السياسية التي لعبت دورًا في هذه التسمية أنها أمام مرحلة جديدة عنوانها الأساسي كسر نفوذ الثنائي الشيعي، أي حزب الله وحركة أمل، اللذين كانا يفضلان إعادة نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة. لكن هذه القوى لم تكن تملك رؤية واضحة لكيفية التعامل مع هذا التطور، خصوصًا بعدما رفع الثنائي ورقة الميثاقية في وجه التسمية، ما جعل الأمور أكثر تعقيدًا.

هذا المسار لم يكن بعيدًا عن تدخلات بعض الجهات الخارجية، التي لعبت دورًا غير مباشر في انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ثم تسمية نواف سلام، لكنها لم تكشف عن كامل أوراقها لحلفائها المحليين، ما تسبب في حالة من التوتر بينهم، خاصة بعد أن اضطر رئيس الحكومة المكلف إلى التعامل بواقعية مع الحضور السياسي لحزب الله وحركة أمل.

في ظل هذا الواقع، بدأ التباين يظهر بين القوى التي دعمت تكليف سلام، حيث كانت بعض هذه الجهات تعتقد أنها قادرة على تشكيل حكومة بعيدًا عن إرادة الثنائي، خاصة إذا توفرت رغبة دولية بذلك. لكن الوقائع أثبتت أن القوى الخارجية المؤثرة لا تسعى إلى الصدام مع حزب الله في الوقت الحالي، ما جعل الأمور تتجه نحو التفاهم بدلًا من المواجهة.

هذا التوجه دفع كلًا من رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية إلى البحث عن صيغة تضمن انطلاقة سلسة للعهد الجديد، وهو ما فرض على القوى التي ساندت سلام إعادة النظر في استراتيجيتها. ومع هذا الواقع، انقسمت المواقف بين من يرى أن سلام نجح في تحقيق مكاسب سياسية، من خلال توزيع الحصص الوزارية بطريقة غير تقليدية، وعدم احتكار التمثيل الشيعي من قبل الثنائي، وغياب الثلث المعطل، في حين يرى آخرون أن تكليفه لم يحقق تغييرًا جوهريًا، وأنه اضطر في النهاية إلى مراعاة توازنات القوى القائمة.

في ظل هذه التجاذبات، تبقى المشكلة الأساسية في عدم قراءة المشهد السياسي بواقعية، سواء على المستوى الداخلي أو في ما يتعلق بالمواقف الإقليمية والدولية. وبينما تستمر القوى السياسية في مناوراتها، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع نواف سلام تجاوز هذه العقبات والمضي قدمًا في تشكيل حكومة متوازنة، أم أن الصراع السياسي سيبقى العائق الأكبر أمام أي حل؟

زر الذهاب إلى الأعلى