
على وقع حملة تهويل سياسي وإعلامي متصاعدة، يعود ملف سلاح “حزب الله” إلى واجهة الأحداث، في انتظار الردّ الرسمي اللبناني على الورقة الأميركية التي حملها الموفد توم باراك خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت.
واشنطن، بحسب المعطيات، تدفع باتجاه صدور قرار من مجلس الوزراء حول هذا الملف، ما يعني نقله من دائرة الحوار بين العماد جوزاف عون وقيادة الحزب، إلى سلطة الحكومة التنفيذيّة. لكن أي قرار من هذا النوع، إن صدر، ستكون تداعياته المستقبلية أكبر من نتائجه الفورية، خصوصًا أن الولايات المتحدة ليست بصدد الدفع نحو مواجهة داخلية بين الدولة و”حزب الله”، وهي تدرك أن أي صدام مباشر قد ينسف التوازنات القائمة حاليًا.
مصادر نيابية تشير إلى أن المشهد ليس “أبيض أو أسود”، بل إن هناك نقاشًا واسعًا يرافق هذا الملف المعقّد، خاصةً أن الدولة اللبنانية لا يمكنها القفز فوق استمرار الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس، وعدم إطلاق سراح الأسرى، والاعتداءات اليومية المتواصلة، ما يعقّد اتخاذ أي قرارات تنفيذية حاسمة، رغم أن المواقف المطروحة تنسجم جزئيًا مع خطاب القسم والبيان الوزاري.
ومع ازدياد الضغوط، لا تستبعد هذه المصادر ارتفاع وتيرة التصعيد الإسرائيلي، كما حدث في الغارات التي استهدفت الضاحية الجنوبية قبل عيد الأضحى، مع تكرار مشهد الضغوط الذي سبق أن شهدته سوريا، لكن هذه المرة مع التركيز على “حزب الله”.
في المقابل، ترى المصادر نفسها أن فرضية العدوان الشامل من قبل “تل أبيب” لا تزال مستبعدة، إذ أن “حزب الله” لن يتردّد في الردّ بقوة، رغم التزامه الحالي بسياسة “الصبر”، التي تُحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية السياسية المباشرة، خاصة في ظل اهتزاز معادلات الردع التي سادت في السنوات الماضية.
السيناريو الأقرب، بحسب القراءة النيابية، هو استمرار الضغوط الدبلوماسية الأميركية، والتصعيد الإسرائيلي غير المباشر، بالتوازي مع توتّر سياسي داخلي، وتعطيل مشاريع إعادة الإعمار، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة. ومع وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، فإنّ المفاجآت تبقى واردة، حتى تلك الخارجة عن إطار المنطق السياسي التقليدي.
في نهاية المطاف، تبقى المعادلة الإقليمية الكبرى مرتبطة بمصير المفاوضات بين واشنطن وطهران. وحده هذا المسار قد يُنتج ترتيبًا جديدًا لملف سلاح “حزب الله”، وإن كان من المستبعد العودة إلى مرحلة ما قبل العدوان الأخير.