الجميل: لبنان تحرر من الوصاية ويجب بناء دولة عادلة

اعتبر رئيس الكتائب النائب سامي الجميل أن “لأول مرة منذ ٣٥ سنة يتحرر لبنان من أي وصاية، وبات قادراً على فتح صفحة جديدة في تاريخه. هذه الصفحة لا يمكن أن تُفتح في ظل الهيمنة، سواء كانت سورية، أو لحزب الله، أو الاحتلال الإسرائيلي. اليوم، يمكننا كلبنانيين أن نقرر، بدلاً من أن يأتي القرار من الخارج”.

وفي حديث إلى إذاعة “صوت لبنان”، أشار الجميل إلى أن “السياسة في الماضي كانت مبنية على التكاذب والحذر، مما أدى إلى الهيمنة”، وأضاف: “طالما تحررنا من الوصاية، فقد حان الوقت للنظر في علاقاتنا وتجاربنا، والعمل على بناء البلد. للمرة الأولى منذ عام ١٩٧٥ بات بإمكاننا كلبنانيين أن نجلس ونقرر بدلاً من أن يأتينا القرار من الخارج”.

وشدد على أن “اليوم هو الوقت المناسب للمصارحة، لأننا أمام مرحلة جديدة، فإما أن ندخل إليها بصدق وبجو من الارتياح والطمأنينة، أو بالحذر والتحدي والخوف”. ولفت إلى أن “المحاسبة جزء أساسي من المسار، وكذلك العدالة”، مذكراً بـ “ما جرى في جنوب أفريقيا، وفي لبنان بعد اتفاق الطائف، عندما صدر عفو، ولكن المحاكمات بالاغتيالات السياسية استمرت لأن لا عفو عليها، ولهذا حوكم حبيب الشرتوني وكل من ارتكبوا جرائم سياسية. وهذا لا يعني أن يحاسب كل مقاتل حمل السلاح”.

وأوضح أن “عملية التنفيذ تقوم على أمرين: أولاً، التصميم على ألا نضيع الوقت في هذا الموضوع، لأنه يجب أن يوضع على السكة ويبدأ المسار بأسرع وقت. وثانياً، الطمأنة بأنه إذا نُزع السلاح وتم تسليمه، فلن تكون الطائفة مستهدفة أو مستضعفة. وهنا تأتي أهمية ما قلته في مجلس النواب، أي أنه ممنوع أن تشعر أي طائفة بأنها مستهدفة، بل على العكس، يجب أن يكون الجميع شركاء في بناء المستقبل، انطلاقاً من مبدأ المساواة، الذي لا يتحقق بوجود السلاح”.

وأكد الجميل أن “السلاح والانتماء للخارج يمنعان المصارحة والمصالحة”، متمنياً على الرئيس ميشال عون أن “يتباحث مع حزب الله في كيفية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار”. وشدد على أن “موضوع وجود السلاح ليس محل نقاش، بل كيفية استيعابه في إطار الدولة، مع ضمان المساواة وحماية الجميع من الاستهداف”.

قلق من تكرار أخطاء الماضي

وتابع الجميل: “خوفي ألا يكون اللبنانيون قد تعلموا من كل ما مررنا به”، متسائلاً: “هل اتفقنا على لبنان والمبادئ التي سنبني لبنان على أساسها، ومنها سيادة الدولة، الشراكة، الاعتراف بالآخر، تحييد لبنان عن الصراعات، كتابة تاريخ مشترك، بناء المؤسسات، وضمان مستقبل الأقليات؟”.

وأشار إلى أن “رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يجب أن يتحملا مسؤولياتهما في الحديث مع حزب الله”، مؤكداً أن “فشل المصارحة سيؤدي إلى كارثة، لذلك يجب ضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والتزام القانون والدستور”.

وفي ما يتعلق بشيطنة الأحزاب لإبعادها عن المشاركة في الحكومة، قال: “رئيسا الجمهورية والحكومة تمنيا عدم وجود حزبيين في الحكومة الحالية، وأنا احترمت هذا الأمر. لكن الحياة السياسية لا يمكن أن تكون من خارج الأحزاب، والمشكلة أن بعض الأحزاب تحولت إلى ميليشيات شوهت سمعة العمل السياسي”.

أما بالنسبة إلى الإصلاحات، فرأى أن “عمر الحكومة ٣ أسابيع، عقدت خلالها ٣ اجتماعات، لكننا انتظرنا ٢٥ عامًا، فلا يمكننا أن نطلب منها معالجة كل الملفات في ٣ أسابيع. يجب أن نكون واقعيين، وما زلنا في بداية الطريق”.

موقفه من الملفات الاقتصادية والتعيينات

في الشأن الاقتصادي، أكد الجميل أن “مجلس الوزراء مكوّن من أفرقاء، وليس حكومة أكثرية لنتحدث عن اتفاق على وجهة نظر واحدة. إذا كانت منطلقات النقاش فكرية وعملية، فهذا أمر صحي. أما إذا تحول النقاش إلى شعبوية مع التخوين والاتهامات المتبادلة، فإن كل شيء يضيع”.

ورداً على سؤال عن الحملة التي تتعرض لها جمعية “كلنا إرادة”، قال: “ألبير كوستنيان من أنظف وأكفأ الناس في لبنان، ولا يمكن لأحد الطعن في أخلاقه ونزاهته. اختلفنا معه في بعض الأمور واتفقنا في أخرى، لكن لا أحد يمكنه الطعن بصدقيته”.

أما بالنسبة إلى التعيينات، فقال: “نحن واعون بأن البلد لن يصطلح دفعة واحدة، ولن يصبح الوضع مثالياً بين عشية وضحاها. لكنني أتمنى على الرئيسين عون وسلام ألا يتساهلا مع أي تعيين غير مقتنعين به، وأن تُطبّق الآلية بعدالة ومساواة في جميع المواضيع”.

تفاؤل بالمستقبل رغم التحديات

أضاف الجميل: “أنا متفائل بمستقبل البلد للفترة المقبلة. أدرك أن أخطاء سترتكب، لكن الصورة الكبرى تشير إلى أن لبنان ذاهب باتجاه أفضل. لدينا رئيس جمهورية قادر على اتخاذ المواقف بجرأة كما ورد في خطاب القسم، ورئيس وزراء من الأكثر نزاهة، وهناك مواكبة دولية لنا، وقد يتم توقيع معاهدات جديدة، وقد يستعيد لبنان سيادته. الجيش اللبناني لا يخشى الضرب بيد من حديد، ويجب أن ننظر إلى الصورة الكبرى رغم بعض الأمور التي قد تزعجنا”.

وشدد على أن “دور حزب الكتائب أن يحمي بعبدا، لأن المهمة صعبة، وهناك كثير من الألغام والقرارات الصعبة، وهنا يكون رئيس الجمهورية بحاجة إلى حزب الكتائب”.

الوضع الحدودي والعلاقة مع حزب الله

وعن الوضع على الحدود اللبنانية-السورية، قال: “لست في موقع تحليل، ولا أحد يعرف ما يحصل إلا الجيش اللبناني، ولدينا ثقة به وبقراره، ودعمنا له مطلق”.

وأشار إلى أن “رئيس الجمهورية يحظى بثقة دولية وداخلية، وقد اجتمعنا به ووثقنا أنه ذاهب في الاتجاه الصحيح. إذا ناقض الرئيس خطاب القسم، فعندها لا يمكن أن يلومنا على موقفنا منه”.

وتساءل: “هل يحق لحزب الله فقط أن يفاوض، بينما يُمنع على الدولة التفاوض لاسترجاع حدودها؟”. وأكد أن “لا بد من حال أمان ووئام على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية لوقف القصف الذي يدمر جنوب لبنان كل ١٠ سنوات، ونحن لا نتحدث عن السلام والتطبيع، فلسنا مضطرين لذلك”.

وختم الجميل: “الكلام الذي أقوله لا يربحنا انتخابات نيابية، بل يبني البلد. علينا أن نتخذ القرار ببناء الدولة، وحزب الكتائب لم يفكر يوماً في مصلحته الخاصة، بل في مصلحة لبنان”.

زر الذهاب إلى الأعلى