لبنان يزرع الأمل: ١٥٠ بلدية تنضم إلى حملة تشجير وطنية

أطلقت وزارة الزراعة بالتعاون مع نقابة المهندسين في بيروت برنامج “تشجير جوانب الطرقات”، في خطوة وطنية تهدف إلى إعادة الحياة والخضرة إلى المدن والقرى اللبنانية. جرى حفل الإطلاق في مبنى النقابة برعاية وزير الزراعة الدكتور نزار هاني وحضوره، وبمشاركة المدير العام للوزارة المهندس لويس لحود، وعميدة كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية البروفسورة نادين ناصيف، وعدد من رؤساء اتحادات البلديات وممثلين عن جمعيات بيئية وشركات خاصة ومؤسسات زراعية ومتخصصين في شؤون البيئة والتخطيط العمراني.

في كلمته، أكد الوزير هاني أن المبادرة تأتي ضمن رؤية الوزارة لتعزيز الاستدامة البيئية وتحسين نوعية الحياة في لبنان، مشيرًا إلى أن الأشجار ليست مجرد زينة للمدن بل هي “نبض الحياة في شوارعنا وبلداتنا، تلطّف الهواء وتخفّف الحرارة وتعيد إلى بيئتنا التوازن والجمال المفقود”. وأوضح أن البرنامج يهدف إلى تحويل الشوارع اللبنانية إلى ممرات خضراء وحدائق مصغّرة تحمل أسماء أشجار لبنانية أصيلة مثل الخروب والجوز والكرز والصنوبر، لتكون ذاكرة خضراء تحفظ هوية لبنان الطبيعية وتربط الإنسان بأرضه.

ولفت هاني إلى أن الوزارة تلقت أكثر من ١٥٠ طلبًا من بلديات لبنانية للمشاركة في المشروع، وتعمل على إعادة تأهيل ثمانية مشاتل زراعية تابعة لها لإنتاج آلاف الأشجار والشتول المحلية التي ستزرع على جوانب الطرقات والساحات العامة وحدائق المدن. كما أعلن أن الوزارة، بالتعاون مع البلديات، ستمنح شهادات تقدير رسمية ولوحات تعريفية تحمل اسم الجهة المشاركة واسم الشارع المزروع، لتكون علامة فخر للأجيال القادمة ودليل التزام بالمواطنة البيئية.

ودعا الوزير جميع الهيئات والمؤسسات والأفراد إلى الانضمام إلى الحملة الوطنية الكبرى للتشجير التي ستستمر حتى عيد الشجرة في السادس من كانون الثاني المقبل، مؤكدًا أن نجاح المبادرة مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والبلديات والمدارس والقطاع الخاص والشباب، الذين يشكّلون طاقة التغيير وعماد المستقبل. وختم بالقول إن الهدف هو “زرع الأمل والجمال والحياة في كل شارع وقرية وبلدة، وجعل التشجير حركة وطنية مستدامة تعيد للبنان لونه الأخضر وتؤكد أن الزراعة ليست قطاعًا ثانويًا بل روح الوطن”.

تخلّل الاحتفال حلقة حوار تقنية تناولت الأطر الهندسية والتنفيذية والبيئية لتشجير جوانب الطرقات، أدارتها الدكتورة فيكتوريا دواليبي، التي شدّدت على أهمية التخطيط العلمي وإشراك مهندسي المناظر الطبيعية في كل مراحل المشروع لضمان استدامته وفعاليته الجمالية. كما تحدّث خالد سليم من تعاونية منتجي الأغراس المحلية عن أهمية الأصناف اللبنانية من الأشجار ودور التعاونيات في إنتاجها بما يتناسب مع المناخ المحلي، فيما عرضت الدكتورة مايا نعمة الأثر البيئي الإيجابي للتشجير في تخفيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وتقليل مخاطر الفيضانات وزيادة التنوع البيولوجي. وقدّم الناشط البيئي سمير صليبا عرضًا لتجاربه السابقة في مشاريع التشجير، داعيًا إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتسهيل الإجراءات أمام الشركات والمؤسسات الراغبة بالمشاركة.

واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن مبادرة “تشجير جوانب الطرقات” تمثّل خطوة نوعية نحو لبنان أكثر خضارًا واستدامة، وتجسّد رؤية وزارة الزراعة القائمة على الشراكة بين المؤسسات الرسمية والنقابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لاستعادة التوازن البيئي وتحسين نوعية الحياة في البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى